http://archive.thawra.sy/_archive.asp?FileName=5516463220120401181654تحقيقات
الأثنين 2-4-2012
تحقيق: موسى الشماس
تتفاقم ظاهرة السكن العشوائي بشكل يومي، فالحكومة بكل مؤسساتها ومصارفها لم تقدم أي حلول تساعد في تأمين مسكن يراعي انخفاض الدخل في سورية عبر عقود طويلة وتركت الجميع يبحثون عن منازل بطرقهم وبإمكاناتهم، وتشير مسودة الاستراتيجية الوطنية للإسكان التي أعدها خبراء من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية
إلى أن مناطق السكن العشوائي تزايدت بنسبة 220% بين 1994 – 2010، في حين قدرت الوحدات السكنية التي تحتاجها سورية بنحو 687 ألف وحدة سكنية بين 2007 – 2012 منها 408 آلاف وحدة سكنية لتغطية النمو الطبيعي، و183 ألف وحدة لتغطية العجز الموجود في السنوات السابقة، و63 ألف وحدة بديلة للمنازل المتهدمة, و33 ألف وحدة سكنية محجوزة واحتياطية لتغطية أي زيادة في الطلب.
واقع سرطاني
من جانب آخر لانرى إلا قوانين وتعليمات تنفيذية ومساعي لحلول قريبة، ثم تتعاقب السنوات ومناطق السكن العشوائي على حالها الى ما قبل سنة حيث ازداد الوضع سوءاً وتورمت المشكلة سرطانياً، وبات الوضع لايحتمل تأجيل عمل ميداني فوري لمعالجة الوضع.
لماذا لا تنفذ القوانين، وما معوقات التنفيذ؟ وأين مكمن المشكلة وكيف تتم معالجتها اسئلة وشجون كثيرة تطرحها مشكلة السكن العشوائي؟
4 سنوات على القانون /33/ والقانون /15/
أحدث القوانين المتعلقة بمشكلة السكن العشوائي كان القانون 33 لعام 2008 الذي ينص على «تثبيت العقارات المبنية وأجزاء العقارات غير المبنية في التجمعات السكنية المعينة في منطقة عقارية محددة». وبناء على هذا القانون، تشكلت لجان لدراسة واقع مناطق السكن العشوائي، وبعد الانتهاء تصبح هذه المناطق جاهزة للاستثمار.
كذلك كان القانون 15 لعام 2008 الخاص بالاستثمار والتطوير العقاري بالتعاون مع القطاع الخاص، يمكنه أن يحصل على فرص الاستثمار بعد انجاز الدراسات وواقع المنطقة التي سيعالج واقعها.
الآن مضى أربعة أعوام على هذين القانونين، وأعوام على ما قبلهما من قرارات وقوانين فما الذي أنجز على أرض الواقع؟.
إمكانية الاستثمار
مدير التخطيط العمراني في وزارة الإدارة المحلية المهندس حسن جنيدان، يعتبر أن تثبيت الملكيات في مناطق السكن العشوائي، ومن ثم إمكانية الاستثمار في هذه المناطق من خلال تطبيق القانون 15 لعام 2008 الخاص بشركات الاستثمار والتطوير العقاري، سيساهم في خلق واقع جديد لمناطق السكن العشوائي، ولتحقيق خطوات عملية بشأن ذلك تشكلت لجان مهمتها جرد المناطق التي سيطبق عليها القانون 33 وتجهيز أضابيرها.
حتى الآن انقضى نحو أربعة أعوام على القانونين ولا يزال الموضوع في المراحل الأولى للعمل، فكم من الوقت سيستغرق بحث وضع 127 منطقة سكن عشوائي.
في محافظة دمشق لا يحظى القانون 33 بالاهتمام، فالقانون كما يقول المطلعون في المحافظة يثبت الملكيات وهذا ما يرون فيه نوعاً من تشتيت الملكيات، ويرون أن نتائج تطبيقه قد تكون أفضل في المحافظات الأخرى، أما في دمشق فهو أقل جدوى، إضافة إلى أن تطبيقه يحتاج وقتاً طويلاً، الأمر الذي يجعل مناطق السكن العشوائي بانتظار الخطوات التي يحتاجها تطبيق هذا القانون والتي لا تقل عن 5-7 سنوات كما أكد المتابعون لخطوات العمل في المصالح العقارية. والحقيقة لا يستطيع أحد أن يفهم من ذلك سوى أن المحافظة ستقدم حلولاً في وقت أسرع من هذه المدة.
وإذا كانت هناك لجان بدأت تعمل بحيثيات القانون 33 من وزارة الإدارة المحلية، وسنذكر هذه التفاصيل لاحقاً، نجد ان هناك آلية عمل أخرى في المحافظة، ليس من السهولة أن تجد من يحدثك أو يجيبك عن أي من خطواتها أو تفاصيلها
ويؤكد العارفون في المحافظة أن نتائج تطبيق القوانين لا تظهر بين يوم وليلة، ومثالهم على ذلك تنظيم كفرسوسة، الذي يعود لفترة السبعينيات، لكن نتائجه لم تظهر إلا مؤخراً.
غياب كامل للخطط
حتى العام 2000 كان القانون 44 لعام 1960 هو القانون الذي يتعامل مع مخالفات البناء، وربما كان القانون يتناسب مع الواقع العقاري في السنوات الأولى للعمل به، إذ لم تكن المخالفات قد اتسعت بالشكل الذي شهدته لاحقاً لتتحول إلى أحياء كاملة، وكان اللافت أن يستمر القانون لغاية العام 2000 حين أصبح عدد السكان في أحياء العشوائيات يشكل نحو ثلث السكان في مدينة كدمشق، مع غياب كامل للخطط والحلول التي تعالج واقع السكن المأساوي للساكنين، أو تعالج الواقع العمراني الذي شوه المدن وحياة ساكنيها.
في عام 1987 قرر المكتب التنفيذي الموافقة على تخديم مناطق السكن العشوائي، الأمر الذي يعتبره بعض المعنيين أنه سمح بزيادتها، قد يكون في هذا الكلام شيء من الحقيقة، ولكن الأصح أن غياب الحلول التي تمكن الناس من السكن في أماكن محترمة هو الذي دفعهم للعيش فيما يشبه المنازل.
ومع نمو وانتشار مناطق السكن العشوائي صدرت قرارات ظلت كلها حبراً على ورق, ففي عام 1980 صدر قرار مجلس المحافظة بتكليف مديرية الشؤون الفنية بدراسة بعض مناطق المخالفات، وذلك بوضع مخطط تفصيلي لإعادة بنائها.
وفي العام 2000 صدر القانون 26 وهذا كما يرى المعنيون أيضاً أوجد توازناً بخصوص معالجة المخالفات وسمح للوحدات الإدارية بتطبيق القانون 9 لعام 1974 الذي ينص على تنظيم وعمران المدن، والذي وصف بأنه أعدل القوانين. وقد تضمن تطبيق القانون 26 إما تطبيقه ضمن المخطط التنظيمي بناء على رغبة المالك، أو تنظيم منطقة متكاملة كما ترى الوحدة الإدارية، أو تطبيق بنوده ال26 الأخرى في مناطق التوسع العمراني كمنح مالكي الأراضي 40% من القيمة التنظيمية للمقاسم السكنية، أو مالكي العقار الواقع عليه التنظيم، و60% للمنذرين بالهدم.
القانون 1 لعام 2003 تشدد في قمع مخالفات البناء، ولكن لم يترافق بحلول جذرية سواء من حيث تأمين مساكن بأسعار تتناسب مع واقع حال ساكني مناطق السكن العشوائي، أو طرح حلول لهذه المناطق، فاستمر التوسع في السكن العشوائي مع زيادة ثروات وأعداد الراشين والمرتشين لبناء المساكن، وانتقل كثيرون إلى عالم «الانتفاع» جراء واقع يدفع باتجاه المخالفة، وقانون يمنعها.
وجاء المرسوم 59 لعام 2008 وتضمن أنه تجوز معالجة أوضاع مناطق السكن العشوائي القائمة قبل تاريخ نفاذ القانون رقم 1 لعام 2003 داخل أو خارج المخططات التنظيمية، لكن على أرض الواقع لا علاج ولا حلول.
قرارات أخرى
كما أصدرت وزارة الإدارة المحلية في 2-8-2011 التعليمات الخاصة بمنح رخص البناء على العقارات المملوكة على الشيوع داخل المخططات التنظيمية بهدف تمكين المواطنين من استثمار عقاراتهم التي تملكوها بين عامي 2003/2011 والتي يتعذر إفرازها نظراً لمساحاتها الكبيرة أو لكثرة المالكين فيها من خلال الأطر القانونية.
ولحل إشكالية السكن العشوائي وقعت وزارة الإدارة المحلية وهيئة التخطيط الإقليمي مذكرة تفاهم حول الخريطة الوطنية للسكن العشوائي، التي تشكل الحجر الأساس في مشروع إعادة تأهيل مناطق السكن العشوائي والمخالفات، باعتبارها واحدة من المشكلات الكبيرة والخطرة عمرانياً واقتصادياً واجتماعياً التي تواجهها الحكومة.
دراسة مناطق السكن العشوائي
المعنيون في محافظة دمشق يرون أن آلية العمل الحالية تتسم بالشكل العلمي المدروس اكثر من الفترات السابقة، حيث تم التعاقد مع إحدى الشركات لدراسة مناطق السكن العشوائي، والتحديد بدقة أيها يمكن أن يثبت أو يزال، ومن الخطط المعلنة للمحافظة، دراسة مناطق السكن العشوائي، وإعادة تنظيمها، فالخطة السنوية تشمل دراسة نحو 10 مناطق: خلف الرازي، الدحاديل، نهر عيشة، اللوان، دف الشوك، حي الزهور، مخالفات طرفي جوبر، وهناك مناطق توسع تدرس أيضاً منها منطقة القدم وهي في مراحل الاستلام وخلف تروبيكانا، إضافة لبرزة، وهناك مناطق مخالفات ستعاد دراسة مصورها التنظيمي كالمزة 86 وعش الورور.
من طرق معالجة مناطق السكن العشوائي، كما يحدد معنيو المحافظة، وكما هو متعارف عليه: تهذيب وتشذيب المناطق التي فيها حد أدنى من البنى التحتية، أو الإزالة الكاملة للمناطق التي لا يوجد فيها حد أدنى من الخدمات، وطريقة ثالثة تسمى بالحل المختلط، أي دمج بين التهذيب والهدم للمنطقة ذاتها، ويرى المطلعون في محافظة دمشق أن أغلب مناطق السكن العشوائي، في دمشق ينطبق عليها الحل الثاني، أي المعالجة بالهدم، لأنها من النوع الذي يفتقر للخدمات والبنية التحتية، مع التأكيد أن الحفاظ على حقوق الساكنين وتعويضهم بالسكن البديل من أولى الأولويات، بل يذهب المطلعون للتأكيد أن هناك خطة لتجهيز مساكن في منطقة معربا، كي تكون جاهزة عند تنفيذ الإخلاء لنحو 4-5 آلاف أسرة مقيمة على خط الانهدام في سفح قاسيون.
الطبالة والدويلعة ضمن الدراسات
بغية تطبيق القانون 33 لعام 2008 تشكلت لجنة مركزية من المصالح العقارية ووزارة الإدارة المحلية، لدراسة الأضابير التي تعدها اللجان في كل محافظة، وبعد ذلك ترفع الأضابير لوزارة الإدارة المحلية، ومن ثم لرئيس مجلس الوزراء ليصار إلى القرار القاضي الذي ينص على تسميتها بأحكام القانون 33.
إذا كانت هذه هي الخطوات المطلوبة، فما الذي تحقق حتى الآن؟.
يقول مدير المساحة في المصالح العقارية المهندس سليم طه تم حديد ثلاث مناطق تجريبية لتطبيق أحكام القانون /33/ وتقييم نتائج العمل، ومن هذه المناطق الطبالة في دمشق.
من جانبه يرى مدير التخطيط العمراني في وزارة الإدارة المحلية المهندس حسن جنيدان أن التعويضات المالية ستشجع اللجان على العمل بنشاط وحيوية أعلى.
ويقول طه: إن هناك الكثير من الأضابير التي أعيدت لعدم استكمالها الشروط المطلوبة، وهذا يضاعف من الوقت المطلوب لدراسة كامل المناطق التي تخضع لهذا القانون.
ولا تخضع للقانون الأراضي المستملكة من قبل الدولة والمدفوعة قيمتها، في حين تخضع له بقية المناطق سواء كانت عامة أم خاصة.
من جانب آخر يؤكد طه أن أكثر من 50% من أوصاف الملكيات في مدينة دمشق مخالف للواقع في السجل العقاري، ففي حين لاتزال قيودها في السجل العقاري أراضٍ خالية وشائعة الملكية، هي في الحقيقة تجمعات سكنية بأكملها، وهذا ينطبق على مناطق بناء نظامية أيضاً، كبرزة واتستراد المزة، شارع فايز منصور، فمخططات الإفراز في هذه المناطق غير مصدقة في المحافظة بسبب وجود مخالفات فيها، الأمر الذي يفسح المجال لبيعها أكثر من مرة والتلاعب والنصب، إضافة إلى تضييع رسوم على خزينة الدولة.
أما المليونان ونصف المليون الذين يعيشون في أحزمة الفقر فيعيشون بشكل دائم مشاعر القلق وعدم الاستقرار.
لا ينتظرنّ أحد حلولاً
وإذا كانت القوانين السابقة لم تقدم حلولاً ملموسة لساكني المناطق العشوائية، فلا ينتظرن أحد حلولاً على الأبواب مع القانون المذكور، وهذا ما يبدو من خلال حجم الأعمال المطلوبة قياساً بما أنجز بعد أربعة أعوام، وقياساً بكثرة المناطق التي يجب دراستها.
إحصائيات الإدارة المحلية تشير إلى تركز المخالفات في ثلاث مدن رئيسة: دمشق وريفها: 48 منطقة مخالفات،، في حين يحدد السيد جنيدان إجمالي المناطق بنحو 147 منطقة، تختلف باختلاف المحافظة، ففي حين تصل لنحو 50% في دمشق تنخفض إلى 1% أو أقل في محافظات أخرى.
التنظيم والتخطيط العمراني
وأشار مدير التنظيم والتخطيط العمراني في محافظة دمشق المهندس عبد الفتاح إياسو: أن هندسة دمشق العمرانية عانت من تشوهات نتيجة السكن العشوائي...
ورأى إياسو أن أسباب الأزمة السكنية وغلاء العقارات تعود إلى أسباب عالمية وأسباب محلية، فالتطور الذي تشهده سورية كافة ودمشق خاصة التي أصبحت موئلاً للتطور والاستثمار العقاري أدى إلى ارتفاع قيمة الأراضي.
وتلعب أسباب أخرى حسب إياسو دورها في غلاء السكن حيث توجد نسبة عالية من المساكن غير مستخدمة حالياً، (توجد احصاءات تقول إن هناك نصف مليون منزل غير مستخدم بدمشق) وتعمل محافظة دمشق على تخفيف أزمة السكن من خلال إعادة دراسة مناطق السكن العشوائي وإعادة تنظيمها، ودراسة مناطق التوسع المحددة في خطة مصور عام للمدينة والمنسجمة مع توجهاته ومع الموارد المائية، ودراسة وضع قوانين وشروط بالتنسيق مع الجهات الوصائية والقانونية، إضافةً إلى معالجة مشكلة السكن الخالي غير المشغل بما يساهم في إنهاء أزمة السكن نهائياً، ومن خلال التنسيق على المستوى الوطني. وأوضح إياسو أن الهدف من المخطط العمراني لدمشق هو إعداد ودراسة مصور عام جديد لمدينة دمشق ومحيطها الحيوي يحدد استراتيجيات التطوير المطلوبة بحيث تكون موجهات أساسية في إعداد الدراسات والمشاريع التفصيلية والمستقبلية حتى عام 2030، وتتضمن الرؤى المستقبلية للمخطط وضع أهداف التخطيط الرئيسة وسياساتها والخطوط الموجهة للتطوير العمراني والاقتصادي والاجتماعي، والنمو السكاني والبنى التحتية والنقل والمواصلات، والتطوير الديموغرافي والمعماري ووضع الإجراءات والتوجيهات البيئية وانعكاساتها على التوظيفات العمرانية، وستنفذ صورة دمشق من خلال المصور العام كبديل حتمي للتخفيف من التلوث وتحسين البيئة وسيعاد لواجهات الأبنية ألقها ونظافتها.
وحول كيفية التنسيق للحفاظ على هوية دمشق القديمة ومخططات التنظيم العمراني يتابع إياسو: «تضمنت رؤى ومحددات استراتيجية دمشق الحفاظ على هوية دمشق القديمة والحفاظ على التراث العمراني في جميع أنحاء دمشق بما فيها دمشق القديمة من خلال تعزيز السكن، واتخاذ إجراءات عملية لترميم المدينة القديمة والمناطق التراثية الأخرى وإعادة رونقها، وتشجيع السكان المحليين على البقاء والحفاظ عليها، وتم إعداد وتصديق المصور التوجيهي لدمشق القديمة المنسجم مع رؤية وتوجهات المدينة والذي حدد شرائط التوضعات التجارية والسياحية، وثبت الشرائح السكنية لتعزيز السكن وإمكانية منح قروض تشجيعية بهدف الترميم وإعادة البناء وفق الأوصاف العقارية الأولى»
حلول تخطيطية وعمرانية
وحول موضوع إنهاء الأذى البصري في العشوائيات والإجراءات المتخذة قال مدير التخطيط في مدينة دمشق: «تنقسم العشوائيات إلى نوعين: العشوائيات الناتجة في مناطق السكن العشوائي والمخالفات الجماعية والتي تتم إعادة النظر بها ووضع الحلول التخطيطية والعمرانية لها سواء من خلال مشروع مصور عام دمشق ومشاريع الدراسات التفصيلية أو من خلال صدور القوانين الناظمة لمعالجة مناطق المخالفات وتنظيمها وخاصةً القانون «26» لعام 2000، وقانون التطوير العقاري أو القوانين المتعلقة بالإجراءات القانونية لمعالجتها قبل القانون «1» لعام 2003، والمرسوم التشريعي رقم «59» لعام 2008». (جزء مهم...)
حماية دمشق القديمة
أما عن موضوع التوسع في المخطط العمراني وفيما إذا كان أفقياً أو عمودياً قال إياسو: «إن الناظم لهذا الموضوع هو مصور عام المدينة علماً أن رؤية التكثيف العمراني هي جزء من رؤى ومحددات استراتيجية المدينة، وفي جميع الأحوال فإن العامل الأساسي الذي يلعب دوره في ذلك هو عامل الكثافة التي تحدد عادة وفقاً للأسس التخطيطية والبرنامج التخطيطي لمنطقة الدراسة مع الأخذ بالاعتبار العلاقة والأثر المباشر وغير المباشر والتأثير لأبنية المدينة ونمطها وطابعها العمراني».
أخيراً تحدث إياسو عن موضوع دور الجمعيات السكنية في التنظيم العمراني للتعاون السكني والجمعيات ودورها الأساسي والمهم في التنمية الإسكانية حيث إن الجمعيات السكنية هي جزء من الخطة السكنية والإسكانية للمدينة، وتشمل هذه الخطة السكن الشعبي والجمعيات السكنية وسكن الادخار والسكن الشبابي، إضافةً إلى مشاريع السكن الخاص لتساهم جميعها في تنفيذ التنظيم في المدينة، وقد أكد المرسوم «20» لعام 1983 والقانون «26» لعام 2000 دور الجمعيات السكنية في التنظيم العمراني ولحظ نسبة من المقاسم السكنية إضافةً إلى الجهات المعنية الأخرى، وخلافاً للقانون «9» لعام 1974 وهو قانون تنظيم وعمران المدن.
10 مليارات ليرة للمعالجة
وأكدت المهندسة كندة مهنا مديرة النظم والمخططات في وزارة الادارة المحلية أن الحكومة وانطلاقاً من حرصها على السلامة العمرانية وبهدف التخلص من ظاهرة السكن العشوائي رصدت في موازنة العام الحالي حوالي 10 مليارات ليرة سورية لمعالجة ظاهرة السكن العشوائي وأضافت موضحة أن معالجة ظاهرة السكن العشوائي كانت محوراً رئيسياً في الخطة الخمسية الحادية عشرة الحالية نظراً لأهمية هذه المشكلة والآثار السلبية التي قد تترتب عليها بعد أن أصبحت أمراً واقعاً تحت ضغط الحاجة للسكن في ظل عدم توافر الأراضي المعدّة للبناء والغلاء الذي يشهده سوق العقارات، حيث بلغت نسبة السكن العشوائي نسبة لا يستهان بها فهي تشكل ما يقارب 20% من عدد المساكن بينما تشكل على مستوى السكان 32% أي ما يعادل 8 ملايين نسمة وبالنسبة للحلول المطروحة لمعالجة هذه الظاهرة أوضحت مديرة النظم والمخططات أنه تم توقيع مذكرة تفاهم مع هيئة التخطيط الإقليمي بغية التعاون والتنسيق معها لإعداد خارطة وطنية للمناطق العشوائية وأضافت: إن الحلول الأكثر جدوى التي تعتمد على الارتقاء وإعادة التأهيل تتم من خلال تشاركية الجهات العامة مع القطاع الخاص وذلك عبر تطوير البنى التحتية لهذه المناطق والاستفادة من إسهامات القطاع الخاص من خلال المشروعات الكبيرة التي تنفذها، علماً أن ذلك لا يأتي إلا من خلال تطوير نظام الاستثمار العقاري
بلدية الشاغور
المهندس بشار إبراهيم رئيس بلدية الشاغور أشار الى أن المناطق التي يتبع لها العديد من العشوائيات والتابعة للبلدية أبرزها الدويلعة والطبالة وكشكول والكباس وحي الزهور وحي الشرطة وبستان الدور والقزاز والتضامن وقد نفى وجود رقم إحصائي واضح لعدد المخالفات الا أن البلدية تقوم بهدم كل مخالفة لكن ما يحصل أن العملية برأيه كر وفر فالمخالفات تحصل ليلا حيث لا وجود لرقابة البلدية في تلك الاوقات.
الاستثمار العقاري
مدير هيئة التطوير العقاري المهندس ياسر السباعي، يقول: إن عدد الشركات التي حصلت على الترخيص للاستثمار العقاري على القانون 15 بلغ نحو 35 شركة، ما يوحي بأن الجهات المستعدة للتنفيذ جاهزة، عند إتمام الدراسات، ونتمنى ألا يكون مصير هذا المشروع كمصير شركة التطوير العقاري السورية لعام 1997 التي كان من ضمن نشاطاتها معالجة مخالفات السكن العشوائي من خلال بناء أحياء سكنية مستقلة ومتكاملة الخدمات وذات أسعار منخفضة.
زيادة حجم الضغط
يشير التقرير الأخير للمركز الاقتصادي السوري إلى أن هناك أكثر من 1.2 مليون مسكن عشوائي تحتاج إلى 1200 مليار ليرة لمعالجتها، في حين تشير دراسات أخرى إلى أن سكان التجمعات العشوائية يشكلون 30-53% من سكان دمشق وريفها،
ويذكر الدكتور رسلان خضور الأستاذ في كلية الاقتصاد - جامعة دمشق أن من الآثار الاقتصادية للسكن العشوائي زيادة حجم الضغط على خدمات البنية التحتية والموارد، واستنزاف الأراضي الزراعية، إذ إن أغلب العشوائيات قامت على الأراضي الزراعية... ويرى خضور أن من أبرز إخفاقات التنمية الإقليمية هي التجمعات العشوائية، وأنه حتى الآن ليست هناك سياسة أو خطة محددة وواضحة المعالم ذات أفق استراتيجي للتعامل مع هذه الظاهرة، وعمليات التطوير التي جرت في المرحلة السابقة اقتصرت على تزويد هذه المناطق بالكهرباء والماء والصرف الصحي.
غياب التخطيط الإقليمي
ويؤكد خضور أنه لا يوجد في سورية مختصون بالتخطيط الإقليمي، ويعتبر أن غياب هذا النوع من التخطيط، وضبابية هذا المفهوم غيبا وضوح الرؤية بالنسبة لإشغالات مجمل الأراضي السورية،
ويعتبر خضور أن التخطيط الإقليمي يقسم الأراضي السورية لأقاليم، ويوضح استعمالات كل الأراضي، وبناء عليه توضع المخططات التنظيمية، وهذا برأيه ما يفتقده الواقع في سورية حتى الآن، ولكنه ينقل عن فاعلين في السياسة الاقتصادية، تأكيدات باعتماد سياسة ومفهوم للتخطيط الإقليمي، عوضاً عن الخطط.
ومن جهة أخرى بيّن خضور أن هناك غياباً شبه كامل للإحصائيات الدقيقة لعدد مخالفات السكن العشوائي، وقال إن حل مشكلة السكن العشوائي حالياً أصبح في مرحلة صعبة جداً، مقارنة بما كان عليه منذ سنوات مضت، لافتاً إلى وجود 500 ألف شقة شاغرة في سورية بمعنى أن هناك «أزمة إسكان وليس أزمة سكن» وبالتالي تحتاج سورية 180 ألف مسكن سنوياً للإسهام في حل مشكلة السكن العشوائي.
ورأى خضور أنه من الضروري إعادة رسم السياسة العقارية بالاتجاه الصحيح على أساس أن وظائف العقار هي في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع، وتقليص مع إعادة دعم القطاع التعاوني ليكون له الأولوية في تخصيص الأراضي لتلبية احتياجات السكن للفئات محدودة الدخل، وتطوير أقنية التمويل العقاري وتوجيهه لتمويل العقارات الإنتاجية ومساكن محدودي الدخل، موضحاً أن المصارف الخاصة في سورية لا تزال تدخل على «استحياء» في مجال منح القروض العقارية، كما أن المطورين العقاريين يتخوفون من الدخول على خط معالجة السكن العشوائي لوجود عدة تعقيدات وإجراءات روتينية.. كذلك
وأوضح خضور أن معالجة السكن العشوائي ترتبط بالنواحي الاجتماعية والاقتصادية التي يكون محورها دائماً المواطن لافتاً إلى ضرورة أن تسهم كافة الجهات المعنية في إيجاد حلول بحثية وعلمية تضع رؤية لمعالجة هذه الظاهرة.
وركز خضور على أهمية نقل التجارب والمعارف المختلفة حول السكن العشوائي والسعي لمعالجته وتحسين البنية التحتية للبلديات مبيناً أن ذلك ينصب على نقل المهارات والمعلومات في هذا الإطار للوصول إلى نوع من الدعم لتحسين مستوى الخدمات العامة المقدمة للمواطنين.
وبين أن السكن العشوائي ليس وليد السنوات الأخيرة وإنما ظهر مع نمو المجتمعات القديمة وقبل ظهور التخطيط العمراني في القرن ال 19 معتبرا أن مناطق السكن العشوائي ظهرت مع صعوبة التخطيط العمراني والمشاكل العقارية والفراغات المهملة الناجمة عنها وقال.. يجب إيجاد الحلول اللازمة للتحديات التي تفرضها هذه المناطق في مختلف المجالات والاستفادة من التشريعات الجديدة والبرامج الخاصة بمعالجتها.
500 - 600 ألف مخالفة خلال سنة
مع كل ما تم طرحه وللأسف الشديد فإن حصاد سنة من الأزمة وما رافقها من بناء مخالف، فإن نحو 500 - 600 ألف مسكن تم بناؤه خلال سنة. وانتشار السكن العشوائي لا شك أنه يسهم بالتعدي على الأراضي الزراعية والأملاك العامة كما أشار الدكتور ماهر بوظو مدير بيئة دمشق.
وأضاف أن ذلك يسهم بإعاقة تنفيذ عدد من المشاريع الحيوية ويخفض عامل الأمن والسلامة واستنزاف الموارد من مياه وكهرباء إضافة إلى التلوث البصري والبيئي والتشويه العمراني موضحا أن السكن العشوائي ظهر أيضاً من خلال الانتقال من السكن الريفي في الاراضي الزراعية وزيادة عدد الغرف الأمر الذي نجم عنه وجود مناطق للسكن العشوائي على حساب الأراضي الزراعية.
واستعرض بوظو آلية تصنيف مناطق السكن العشوائي تبعاً لوجود دراسات تفصيلية حول متانة الأبنية والأراضي المشادة عليها ووجود إشغالات قانونية والحق بالتملك والخدمات العامة والصحية والتعليمية مشيراً إلى أهمية التدخل لمعالجة هذه المناطق سواء من ناحية درء المخاطر الناجمة عن متانة الأرض وإشادة الأبنية بشكل سريع وغير مخطط أو لتحسين وضع الأحياء العشوائية.
أغلى مدن العالم
تضافرت عوامل كثيرة ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر بتشكل مناطق السكن العشوائي، حيث يعتبر الدكتور خضور أن الهجرة من الريف إلى المدينة احد أهم الأسباب وهذا ناتج عن إهمال المناطق الأخرى وافتقارها لفرص العمل، أو الاستثمارات، إذ يتركز في دمشق وريفها، نحو 44% من السكان، وعلى مساحة لا تتجاوز 8% من المساحة العامة، ومن نتائج هذا التركز أن تصبح دمشق من أغلى مدن العالم بأسعار عقاراتها.
وفي المحافظة من يرى أن القانون 60 لعام 1979 ساهم في انتشار مناطق السكن العشوائي، لأنه نص على أن كل المناطق المحيطة بالمدينة خاضعة للاستملاك، وكان أصحاب هذه الأراضي، يتخلصون من تعويض الدولة الزهيد كثمن لاستملاك هذه الأراضي عن طريق بيعها للتجار، وهذا فاقم من انتشار مناطق السكن العشوائي، فمن لا يستطيع السكن ضمن حدود المدينة «أمّن» مسكناً أدنى ثمناً على الأطراف.